دورة حياة فيروس
بقلم د. أيمن الجندى ٢١/ ٢/ ٢٠١١
إذا شبهنا الوطن بالجسد الحى، وقلنا إن جهاز المناعة داخله هو ما يحمى الإنسان من الميكروبات المُؤذية، المتواجدة طيلة الوقت حوله، فإن ما يحمى الوطن من المؤامرات الخارجية والمشاكل الداخلية هو العدالة الاجتماعية التى تقوم بعمل جهاز المناعة فى جسد الإنسان. حينما ذهبت العدالة الاجتماعية، انهار جهاز المناعة داخله، وأُصيب الوطن بفيروس خطير، اسمه الفساد.
الناس على دين ملوكهم، والسمكة تفسد من رأسها. مع طول البقاء فى الحكم، وتركيز السلطات فى يده، وصلاحيات دستورية مطلقة، وكبر الأنجال وتنامى طموحهم، وتقدم سن الرئيس، فقد انعزل مبارك عن واقع الشعب، واختار حياة الترف فى قصوره بشرم الشيخ. وكانت تلك هى بداية دورة حياة الفيروس.
انتقلت العدوى إلى النخبة الحاكمة التى تصرفت كالعصابات!. فى البدء تم نهب البنوك بقروض لم تُرد، رغم أنها بالمليارات. بعدها استداروا إلى القطاع العام الذى تم تفكيكه وبيعه بأبخس الأسعار. ثم قطعوا أراضى الدولة كجسد حى واقتسموها فيما بينهم، وكدسوا من ورائها مئات المليارات. فتضاعفت أسعار العقارات فى سنوات قليلة عدة مرات. بحيث أصبح الزواج وتكوين أسرة من أصعب ما يكون، الأمر الذى أصاب الأمن الاجتماعى القومى فى الصميم.
فسدت الطبقة الحاكمة فانتقل الفيروس إلى الطبقة الميسورة التى رأت أمامها واقعاً متردياً فلم تحاول تغييره، بل لعبت بنفس قواعد اللعبة، وأصبح همها أن تأخذ نصيبها من جسد الوطن الحى. وبدأنا نسمع عن شراء الولاء برواتب مليونية. ارتضت هذه النخبة أن تنعزل عن باقى الشعب فى منتجعات ذات أسوار عالية وحراسة مشددة لأول مرة فى تاريخ مصر، بعد أن كانت الأحياء الراقية تتجاور مع الأحياء الشعبية كالزمالك وبولاق.
ولم يفطن أحد إلى خطورة هذا الفصل، الذى يعنى عملياً تكريس الفصل بين أبناء الوطن الواحد. انتقل الفيروس إلى الطبقة الوسطى التى هى عماد المجتمع. بطريقة مدروسة استطاعوا إفساد الجميع. انتشرت الرشوة والمحسوبية، ورتب الناس أوضاعهم على الفساد. حدثت تغيرات عميقة فى الشخصية المصرية تخالف المألوف من طبيعتها القنوعة الميالة للخير والتسامح ومساندة الآخرين.
ولم تكن المعضلة فى شظف العيش، فطالما كابد المصريون أياماً صعبة، وغمسوا خبزهم بالرضا، دون أن يستشعروا مرارة الحرمان. والسبب أن العدالة الاجتماعية كانت موجودة وقتها، ولم يكن هنالك ذلك التفاوت الشنيع بين من يملك كل شىء ومن لا يملك أى شىء، وكان الغرم موزعاً على الغنى والفقير. لم يكن الانفتاح قد بدأ بعد، وبدأت معه غواية السلع الملونة، وثقافة الاستهلاك التى غرسوها فى العقل المصرى بلا حدود. فلهثت خلفها الطبقة الوسطى، التى دبت فيها نفس أمراض النخبة، من التقليد الفارغ والتفاخر المريض. لم يعد هناك معنى أو مبرر للعمل الجاد، أو لبناء مصنع، بل شاعت المضاربة والرغبة فى الثراء السريع.
أتم الفيروس دورته، وأصبح الوطن جسداً مريضاً متداعياً، ثم أدركته رحمة السماء (نستكمل غداً).
بقلم د. أيمن الجندى ٢١/ ٢/ ٢٠١١
إذا شبهنا الوطن بالجسد الحى، وقلنا إن جهاز المناعة داخله هو ما يحمى الإنسان من الميكروبات المُؤذية، المتواجدة طيلة الوقت حوله، فإن ما يحمى الوطن من المؤامرات الخارجية والمشاكل الداخلية هو العدالة الاجتماعية التى تقوم بعمل جهاز المناعة فى جسد الإنسان. حينما ذهبت العدالة الاجتماعية، انهار جهاز المناعة داخله، وأُصيب الوطن بفيروس خطير، اسمه الفساد.
الناس على دين ملوكهم، والسمكة تفسد من رأسها. مع طول البقاء فى الحكم، وتركيز السلطات فى يده، وصلاحيات دستورية مطلقة، وكبر الأنجال وتنامى طموحهم، وتقدم سن الرئيس، فقد انعزل مبارك عن واقع الشعب، واختار حياة الترف فى قصوره بشرم الشيخ. وكانت تلك هى بداية دورة حياة الفيروس.
انتقلت العدوى إلى النخبة الحاكمة التى تصرفت كالعصابات!. فى البدء تم نهب البنوك بقروض لم تُرد، رغم أنها بالمليارات. بعدها استداروا إلى القطاع العام الذى تم تفكيكه وبيعه بأبخس الأسعار. ثم قطعوا أراضى الدولة كجسد حى واقتسموها فيما بينهم، وكدسوا من ورائها مئات المليارات. فتضاعفت أسعار العقارات فى سنوات قليلة عدة مرات. بحيث أصبح الزواج وتكوين أسرة من أصعب ما يكون، الأمر الذى أصاب الأمن الاجتماعى القومى فى الصميم.
فسدت الطبقة الحاكمة فانتقل الفيروس إلى الطبقة الميسورة التى رأت أمامها واقعاً متردياً فلم تحاول تغييره، بل لعبت بنفس قواعد اللعبة، وأصبح همها أن تأخذ نصيبها من جسد الوطن الحى. وبدأنا نسمع عن شراء الولاء برواتب مليونية. ارتضت هذه النخبة أن تنعزل عن باقى الشعب فى منتجعات ذات أسوار عالية وحراسة مشددة لأول مرة فى تاريخ مصر، بعد أن كانت الأحياء الراقية تتجاور مع الأحياء الشعبية كالزمالك وبولاق.
ولم يفطن أحد إلى خطورة هذا الفصل، الذى يعنى عملياً تكريس الفصل بين أبناء الوطن الواحد. انتقل الفيروس إلى الطبقة الوسطى التى هى عماد المجتمع. بطريقة مدروسة استطاعوا إفساد الجميع. انتشرت الرشوة والمحسوبية، ورتب الناس أوضاعهم على الفساد. حدثت تغيرات عميقة فى الشخصية المصرية تخالف المألوف من طبيعتها القنوعة الميالة للخير والتسامح ومساندة الآخرين.
ولم تكن المعضلة فى شظف العيش، فطالما كابد المصريون أياماً صعبة، وغمسوا خبزهم بالرضا، دون أن يستشعروا مرارة الحرمان. والسبب أن العدالة الاجتماعية كانت موجودة وقتها، ولم يكن هنالك ذلك التفاوت الشنيع بين من يملك كل شىء ومن لا يملك أى شىء، وكان الغرم موزعاً على الغنى والفقير. لم يكن الانفتاح قد بدأ بعد، وبدأت معه غواية السلع الملونة، وثقافة الاستهلاك التى غرسوها فى العقل المصرى بلا حدود. فلهثت خلفها الطبقة الوسطى، التى دبت فيها نفس أمراض النخبة، من التقليد الفارغ والتفاخر المريض. لم يعد هناك معنى أو مبرر للعمل الجاد، أو لبناء مصنع، بل شاعت المضاربة والرغبة فى الثراء السريع.
أتم الفيروس دورته، وأصبح الوطن جسداً مريضاً متداعياً، ثم أدركته رحمة السماء (نستكمل غداً).
السبت 26 سبتمبر 2015, 8:00 am من طرف إبراهيم محمود
» كيف تصبح اكثر ذكاءا
السبت 06 ديسمبر 2014, 7:29 pm من طرف ahmedfahmy7777
» خريطة نواتج التعلم مادة اللغة العربية الصف الأول الإعدادي
السبت 22 نوفمبر 2014, 4:49 pm من طرف mabrok
» مفهوم الجودة في التعليم .
الخميس 02 أكتوبر 2014, 10:52 pm من طرف abod7611
» خريطة المنهج نواتج التعلم
الجمعة 15 نوفمبر 2013, 2:42 pm من طرف مرفت
» سرقة جميع اجهزة اللابتوب من معمل مدرسة خالد بن الوليد
الجمعة 20 سبتمبر 2013, 9:19 pm من طرف asforatalfasad
» دليل اللامركزية المالية فى التعليم الباب الثانى والباب السادس للعام 2012/2011
الخميس 29 أغسطس 2013, 4:27 pm من طرف mandooo_70
» انبذ الكراهية وعيش لحب الاخرين
الإثنين 12 أغسطس 2013, 1:37 am من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» التهنئة القلبية بالعيد المبارك
الإثنين 12 أغسطس 2013, 1:26 am من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» المواقع التعليمية تتنافس فى تقديم (المراجعات) بالصوت والصورة
الخميس 02 مايو 2013, 11:50 pm من طرف فاتن سعيد
» الممارسات الجديدة فى مجال المتعلم للتعليم الاساسى
الجمعة 26 أبريل 2013, 2:59 pm من طرف الطيف الحزين
» فن الحديث الراقى
الأربعاء 02 يناير 2013, 3:30 pm من طرف وسام وجيه
» التعلم النشط
السبت 29 ديسمبر 2012, 7:31 pm من طرف رحاب
» تهنئة قلبية بحلول عيد الاضحى المبارك
الأحد 21 أكتوبر 2012, 5:02 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» العزاء واجب للاخت العزيزة (برنسيسة 2)
الأحد 21 أكتوبر 2012, 4:57 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» نموذج افادة لهيئة الاعتماد
الثلاثاء 18 سبتمبر 2012, 9:48 pm من طرف Mr1_Mahmoud
» الجودة فى الإسلام
السبت 15 سبتمبر 2012, 12:04 am من طرف رحاب
» الفرق بين الرؤية والرسالة
الأربعاء 12 سبتمبر 2012, 10:47 pm من طرف رحاب
» اسئلة جديدة ادخل وجاوب؟؟؟
الأربعاء 12 سبتمبر 2012, 9:29 pm من طرف asmaa salim
» "إِنَّ اللهَ لَيُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ جِيرَانِي؟؟؟؟؟
الخميس 02 أغسطس 2012, 12:39 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه