لقد اهتم القرآن الكريم بقيام الليل والسحر وطلوع الفجر إلى طلوع الشمس بشكل خاص, فأقسم المولى تعالى بالفجر وبصلاة الليل, فقال عزوجل: (والفجر وليال عشر, والشفع والوتر, والليل إذا يسر, هل في ذلك قسم لذي حجر).
وقد توج المولى قسمه بجملة : (هل في ذلك قسم لذي حجر) والحجر هو العقل, فمن كان له عقل يدرك هذا القسم الجليل لله سبحانه وتعالى وأهميته.
فالقسم بالفجر, وبالليالي العشر, وبصلاة الليل المشتملة على ركعتي الشفع, وركعة الوتر, ومجمل الليل الساري يحظى باهتمام الباري تعالى.
وهناك آيات كثيرة تتعرض لأوقات السحر الذي هو قلب الليل , والوقت الذي يسبق طلوع الفجر.
قال تعالى: (والليل إذا عسعس, والصبح إذا تنفس).
وفي مكان آخر من القرآن المجيد تقرأ: (والليل إذا أدبر, والصبح إذا أسفر) وهي إشارة إلى آخر قسم من الليل أي السحر الذي هو قبل طلوع الفجر, أما الصبح إذا أسفر فهو كناية عن الوقت السابق لطلوع الشمس.
إن الصلاة وممارسة الأذكار قبل الطلوعين لها أثر عجيب وعظيم وفائدة قصوى في صلاح هذه الأمة المرحومة, وقد تعرض القرآن الكريم لهذه المسألة بشكل مثير, وحدد لها الثواب الجزيل والمقام المحمود ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ).
في هذه الآية المباركة يحدد الباري تعالى لنا الصلوات الخمس التي تجب علينا من أول الظهر إلى نصف الليل أربعة صلوات هي : الظهر, العصر, المغرب والعشاء, ومن ثم يقول: (وقرآن الفجر) عانياً بها صلاة الصبح التي يكون أجرها وثوابها مساوياً لجميع تلك الصلوات الأربع لكونها في أول الوقت بين الطلوعين , أما صلاة الليل فلها آيات لوحدها إضافة إلى ذكرها مع الآيات المتعرضة للصلوات الخمس.
قال تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك,عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً), إن هذه الآية المباركة تبين لنا بكل وضوح وصراحة المقام المحمود الذي يمكن أن يسعد به الإنسان بإقامته لهذه النافلة التي تكتمل بها الصلوات الخمس لينال أعلى المراتب والدرجات في الدنيا والآخرة بعد أن يتمكن من ترويض نفسه التي تميل بطبعها للراحة والدعة.
فمن أراد أن يحظى بإرادة قوية , ونفوذ كلمة في المجتمع وعزة وجلال وحل للمعضلات والنائبات فليقم هذه الصلاة في قلب الليل والناس نيام, وهذا ماأثبته علماء النفس العصريون أيضاَ.
قال رسول الله(ص): (إن العبد إذا خلا بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله النور في قلبه ....ثم يقول لملائكته: (ملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلى بي في جوف الليل المظلم والبطالون لا هون, والغافلون نيام, اشهدوا أني غفرت له)
وقال (ص) ايضاً : ( من رزق صلاة الليل من عبد أو امة قام لله عزوجل مخلصاً فتوضأ وضوءاً سابغاً وصلى لله عزوجل بنية صادقة وقلب سليم وبدن خاشع وعين دامعة جعل الله تبارك وتعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة في كل صف مالا يحصي عددهم إلا الله تبارك وتعالى أحد طرفي كل صف بالمشرق والآخر بالمغرب , فإذا فرغ كتب له بعددهم درجات)
فمن أراد الحياة الدنيا فليهتم بهذا البحث الذي يتطرق لصلاة الليل ليفوز بسعادتها ومن أراد الحياة الآخرة فليمعن النظر في هذا البحث الذي يهتم بأفضل القوى التي تأتيه من خارج بدنه لتصل عنان السماء: (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا).
إن الحالة التي يعيشها الإنسان في قلب الليل الدامس بنظر علماء النفس وعلماء الأخلاق وبنظر القرآن والروايات المتواترة حالة مساهمة لأي بناء النفس الإنسانية ولا يمكن إدراك هذه الحالة إلا للذين عاشوها لخصوصيتها.
إننا نبقى في العادة يقظين يومياً حتى الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة وهذا يعد أول الليل ومن انشغل به بعبادة كمن أنشغل بها في وسط النهار, وأول النهار وأول الليل لايعطي شيئاً للإنسان إذا قيس بتلك العبادة التي تكون آخر الليل أو بالأحرى في وقت السحر وان نقطة تاثير اليقظة في آخر الليل ملموس حتى لو كان بدون عبادة.
ولذا نقرأ أن إحدى مستحبات ليالي الإحياء أن يكون الفرد صاحياً أو يقظاً طوال الليل حتى لو كان ذلك بلا عمل أو ممارسة عبادية.
وتقرأ في الروايات التأكيدات الكثيرة لصحوة الإنسان بين الطلوعين ولو بلا ممارسة لصلاة الليل لكون البقاء بلا نوم بين الطلوعين أو في آخر وقت من الليل مفيداً جداً للإنسان من ناحية نفسية ومفيد جداً في إيجاد نشاط خاص حيث يساعد في رفع الحزن والهم والاضطراب من النفس البشرية.
إن الكثير من الأجلاء يسعون للنوم في أول الليل ليقوموا في آخره وإن الغالبية العظمى منهم يأجلون مطالعاتهم إلى آخر الليل لينشغلوا بالعبادة بين الطلوعين ثم يمارسوا قراءة القرآن بعد صلاة الفجر ويقال : إن الدعاء مستجاب بين الطلوعين وإن قراءة القرآن حينها مؤثرة جداً وتترك أثرها الإيجابي على الروح البشرية ومن لم يستطع أن يتعبد في ذلك الوقت الحساس ينبغي له أن ينجز ما لديه من أعمال كأن يكون مطالعة أو ما شابه ذلك لكي يحظى بالتأثيرات التي ترافق ذلك الوقت المبارك.
لقد كان الرسول (ص) والأئمة من أهل بيته عليهم السلام ينامون أول الليل ليصحوا في آخره .
السبت 26 سبتمبر 2015, 8:00 am من طرف إبراهيم محمود
» كيف تصبح اكثر ذكاءا
السبت 06 ديسمبر 2014, 7:29 pm من طرف ahmedfahmy7777
» خريطة نواتج التعلم مادة اللغة العربية الصف الأول الإعدادي
السبت 22 نوفمبر 2014, 4:49 pm من طرف mabrok
» مفهوم الجودة في التعليم .
الخميس 02 أكتوبر 2014, 10:52 pm من طرف abod7611
» خريطة المنهج نواتج التعلم
الجمعة 15 نوفمبر 2013, 2:42 pm من طرف مرفت
» سرقة جميع اجهزة اللابتوب من معمل مدرسة خالد بن الوليد
الجمعة 20 سبتمبر 2013, 9:19 pm من طرف asforatalfasad
» دليل اللامركزية المالية فى التعليم الباب الثانى والباب السادس للعام 2012/2011
الخميس 29 أغسطس 2013, 4:27 pm من طرف mandooo_70
» انبذ الكراهية وعيش لحب الاخرين
الإثنين 12 أغسطس 2013, 1:37 am من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» التهنئة القلبية بالعيد المبارك
الإثنين 12 أغسطس 2013, 1:26 am من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» المواقع التعليمية تتنافس فى تقديم (المراجعات) بالصوت والصورة
الخميس 02 مايو 2013, 11:50 pm من طرف فاتن سعيد
» الممارسات الجديدة فى مجال المتعلم للتعليم الاساسى
الجمعة 26 أبريل 2013, 2:59 pm من طرف الطيف الحزين
» فن الحديث الراقى
الأربعاء 02 يناير 2013, 3:30 pm من طرف وسام وجيه
» التعلم النشط
السبت 29 ديسمبر 2012, 7:31 pm من طرف رحاب
» تهنئة قلبية بحلول عيد الاضحى المبارك
الأحد 21 أكتوبر 2012, 5:02 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» العزاء واجب للاخت العزيزة (برنسيسة 2)
الأحد 21 أكتوبر 2012, 4:57 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» نموذج افادة لهيئة الاعتماد
الثلاثاء 18 سبتمبر 2012, 9:48 pm من طرف Mr1_Mahmoud
» الجودة فى الإسلام
السبت 15 سبتمبر 2012, 12:04 am من طرف رحاب
» الفرق بين الرؤية والرسالة
الأربعاء 12 سبتمبر 2012, 10:47 pm من طرف رحاب
» اسئلة جديدة ادخل وجاوب؟؟؟
الأربعاء 12 سبتمبر 2012, 9:29 pm من طرف asmaa salim
» "إِنَّ اللهَ لَيُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ جِيرَانِي؟؟؟؟؟
الخميس 02 أغسطس 2012, 12:39 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه