امرأة أعرفها كانت صابرة على زوجها.. كان يقسو عليها أشد القسوة.. ولكنها لم تخرج عن
طاعته.. ما تبرمت على قدر ربها.. صبرت واحتسبت.. وكانت تنظر لأولادها وكأن في
نظراتها احتسابهم على الله جل علاه.. وفوق ذلك ابتلاها الله بمرض خبيث في بطنها.. تتألم من شدة
الألم تارة وتتألم من شدة ظلم زوجها لها تارات.. وهكذا .. حتى أتتها سكرات الموت..
فعندما
أتتها
السكرات
وفي ذلك الوقت قرأت أحد بناتها عليها آيات من كتاب الله الحكيم.. فإذا بها توصي الأولاد
بأبيهم.. يا آ الله .. أساء لها فأحسنت إليه.. ظلمها فصبرت ودعت له..
توصي
الأولاد بأبيهم خيراً.. ثم تأمرهم بأن يخرجوا من عندها ثم توجه بصرها إلى السماء
وهي على فراشها.. ثم تشير بالسبابة توحيداً لربها.. وما هي إلا لحظات وإذ بالعرق البارد
يتصبب على جبينها وتسلم الروح لبارئها رحمها الله..
ولقد
عايشتُ هذه القصة بنفسي..
ماتت
وهي توصي بالذي أساء لها.. فهداه الله بعد موتها.. وما زال يذكرها ويدعو لها..
ماتت
والعرق ينحدر على جبينها فظفرت بدعوة نبيها.. ماتت بداء بطنها لينطبق عليها
حديث رسولها الذي رواه مسلم وأحمد
(من
مات بالبطن فهو شهيد) وقوله عليه الصلاة والسلام كما عند النسائي وأحمد وصححه الألباني (من
يقتله بطنه فلن يعذب في قبره)
هنيئا
لها
بخاتمتها..
هنيئا
لها بصبرها واحتسابها..
هنيئا
لها بعفوها الذي أوصلها إلى ذلك بإذن الله جل وعلا..
* *
أصحاب الخاتمة الحسنة
وجوههم تلألأ نوراً في حياتهم.. وعند موتهم.. وعند لقاء ربهم..
وذلك من أثر الطاعة عليهم
وصدق الله إذ قال: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود)..
مما فسرت به هذه الآية قول منصور رحمه الله إذ قال: سألت مجاهد
عن قول الله (سيماهم في وجوههم) أهو أثر يكون بين عيني الرجل؟
قال مجاهد: لا ربما يكون
بين عيني الرجل مثل ركبة العنز وهو أقسى قلباً من الحجارة
ولكنه نورٌ في وجوههم من الخشوع
قال سفيان الثوري رحمه
الله: يصلون بالليل فإذا أصبحوا رؤيا ذلك في وجوههم.. بيانه قوله عليه الصلاة
والسلام: (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) رواه مسلم وغيره.
قلت: وقال الحسن رحمه
الله عن (سيماهم في وجوههم) قال: هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة.
* *
يقول الشيخ حفظه الله:
أراني أحدهم صورة فلما نظرت إليها فإذا بها صورة لامرأة متبرجة..
بيضاء جميلة.. كاسية عارية.. فقلت له: اتق الله ولماذا تريني هذه؟!
أما خفت من الله يا عبد الله؟!
فقال لي: أريكها لأخبرك أن هذه التي
ترى هي هذه!!
فنظرت إلى الصورة الأخرى فإذا بامرأة قد اسود وجهها.. والظلمة
قد ظهرت على ملامحها.. وهي ميتة مقتولة بيد زوجها.. وكان آخر عملها
من الدنيا كأس الخمر بيد والسيجارة بيد.. وعلمت بعد ذلك أنها إحدى المغنيات
المشهورات أعاذنا الله وإياكم أجمعين..
شتان بينها.. وبين تلك الفتاة (جارتي).. نعم إنها جارتي.. في
حي الذي أعيش فيه.. أبوها نحسبه من الصالحين.. لا
يترك صلاة في المسجد البتة.. ابنته في الرابعة والعشرين
من عمرها.. فرحت بوظيفتها معلمة وإن كان المكان بعيد عن بيتها.. كانت
تذهب هي ومن معها إلى عملهم في عربة يستقلونها بالأجرة.. يذهبون سويا ويرجعون
سويا..
وقبل شهر رمضان لعام 1424هـ فاجأت أهلها بكلام كانت تقوله..
قالت لهم قبل شهر رمضان: (إذا أنا مت فلا تحزنوا عليّ فإني أحتسب خرجتي
هذه للعمل على الله فأنا أعلم العلم )..
وكانت تخرج متحجبة متسترة
من رأسها إلى أخمص قدميها..
الشيخ: أنا أعرفها.. أنا أرى حجابها
رحمها الله..
وقبل موتها.. طلبت من أبيها أن يأخذها لصلاة الجمعة
معه فأخذها وكان ذلك في منتصف شهر رمضان..
وبعد الجمعة بيومين .. في يوم الاثنين الخامس
عشر من شهر رمضان لعام 1424هـ تخرج من بيتها صائمة وكان
من آخر أعمالها أنها أيقظت إحدى صديقاتها لصلاة الفجر وكانت تتلو القرآن
في العربة التي كانت تستقلها وهي ذاهبة إلى عملها بصوت منخفض وماتت والقرآن
بيدها!.. حصل الحادث المروع وماتت وخرجت من الدنيا على هذه الحال الطيبة..
ماتت في يوم الاثنين من رمضان.. وقد ولدت في يوم الاثنين من
رمضان!..
ماتت وقد صلت الفجر.. ولم تنم بعد صلاة الفجر بل تتلو القرآن
إلى وقت الدوام..
ماتت وقد دعت إلى الله في ذلك اليوم بأن أيقظت
صديقتها إلى الصلاة..
ماتت والقرآن في يدها..
ماتت وهم يخرجونها من
العربة ويقولوا الذين أخرجوها: واللـــــــــــه أننا أخرجناها
من العربة ووضعناها في الإسعاف ولم يظهر من جسدها قدر أنملة!!..
فقد كانت مع تحجبها تلبس السراويل الطويلة تحت لبسها تقول:
(لو قدر الله لي الموت لا يراني أحد،
لو قدر الله لي الموت لا يراني أحد) ..
بكى الشيخ حفظه الله وهو
يقول:
ماتت كما تتمنى.. كاد أبوها أن يجنّ عليها..لما
رآني وقد دخلت أعزيه احتضنني وأمام الناس بكى وأجهش بالبكاء ورفع
صوته وقال: (أبر أولادي بي هذه يا محمد)..
هنيئا لها على القرآن
والبر والدعوة والصيام ورمضان.. تموت رحمها الله..
تزود قريباً من فعالك إنما ***
قرين الفتى في القبر ما كان يفعلُ
وإن كنت مشغولاً بشيء فلا تكن ***
بغير الذي يرضى به الله تشغلُ
فلن يصحب الإنسان من بعد موته ***
إلى قبره إلا الذي كان يعملُ
ألا إنما الإنسان ضيفٌ
لأهله *** يقيم قليلاً عندهم ثم يرحلُ
السبت 26 سبتمبر 2015, 8:00 am من طرف إبراهيم محمود
» كيف تصبح اكثر ذكاءا
السبت 06 ديسمبر 2014, 7:29 pm من طرف ahmedfahmy7777
» خريطة نواتج التعلم مادة اللغة العربية الصف الأول الإعدادي
السبت 22 نوفمبر 2014, 4:49 pm من طرف mabrok
» مفهوم الجودة في التعليم .
الخميس 02 أكتوبر 2014, 10:52 pm من طرف abod7611
» خريطة المنهج نواتج التعلم
الجمعة 15 نوفمبر 2013, 2:42 pm من طرف مرفت
» سرقة جميع اجهزة اللابتوب من معمل مدرسة خالد بن الوليد
الجمعة 20 سبتمبر 2013, 9:19 pm من طرف asforatalfasad
» دليل اللامركزية المالية فى التعليم الباب الثانى والباب السادس للعام 2012/2011
الخميس 29 أغسطس 2013, 4:27 pm من طرف mandooo_70
» انبذ الكراهية وعيش لحب الاخرين
الإثنين 12 أغسطس 2013, 1:37 am من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» التهنئة القلبية بالعيد المبارك
الإثنين 12 أغسطس 2013, 1:26 am من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» المواقع التعليمية تتنافس فى تقديم (المراجعات) بالصوت والصورة
الخميس 02 مايو 2013, 11:50 pm من طرف فاتن سعيد
» الممارسات الجديدة فى مجال المتعلم للتعليم الاساسى
الجمعة 26 أبريل 2013, 2:59 pm من طرف الطيف الحزين
» فن الحديث الراقى
الأربعاء 02 يناير 2013, 3:30 pm من طرف وسام وجيه
» التعلم النشط
السبت 29 ديسمبر 2012, 7:31 pm من طرف رحاب
» تهنئة قلبية بحلول عيد الاضحى المبارك
الأحد 21 أكتوبر 2012, 5:02 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» العزاء واجب للاخت العزيزة (برنسيسة 2)
الأحد 21 أكتوبر 2012, 4:57 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه
» نموذج افادة لهيئة الاعتماد
الثلاثاء 18 سبتمبر 2012, 9:48 pm من طرف Mr1_Mahmoud
» الجودة فى الإسلام
السبت 15 سبتمبر 2012, 12:04 am من طرف رحاب
» الفرق بين الرؤية والرسالة
الأربعاء 12 سبتمبر 2012, 10:47 pm من طرف رحاب
» اسئلة جديدة ادخل وجاوب؟؟؟
الأربعاء 12 سبتمبر 2012, 9:29 pm من طرف asmaa salim
» "إِنَّ اللهَ لَيُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ جِيرَانِي؟؟؟؟؟
الخميس 02 أغسطس 2012, 12:39 pm من طرف نعمه محمد عبد الرحيم جمعه